
السر لتنشئة أطفال أذكياء – الجزء الأول
January 18, 2022السر لتنشئة أطفال أذكياء – الجزء الثالث
January 23, 2022السر لتنشئة أطفال أذكياء – الجزء الثاني
منظورين عن الذكاء
بعد عدة سنوات طورت نظرية أوسع عما يميز نموذجين من المتعلمين ـ المحبطين مقابل أصحاب التفوق الموجه. أدركت بأن هذين النوعين المختلفين من الطلاب لا يقومان بتفسير فشلهم على نحو مختلف فحسب، وإنما أيضاً لديهم “نظريات” مختلفة عن الذكاء. فالطلاب اليائسون يؤمنون بأن الذكاء سمة ثابتة ولكل شخص مقدار معين منه، وهذا كل ما في الأمر. أسميتهم بمجموعة “طرق التفكير الثابتة”. تحطم الأخطاء ثقتهم بأنفسهم لأنهم ينسبون الأخطاء إلى نقص في قدراتهم والتي تشعرهم بأنهم عاجزون عن التغيير. كما أنهم يتجنبون التحديات لأنها على الأرجح ستجعلهم أكثر عرضة لارتكاب الأخطاء وسيبدون بذلك أقل ذكاءً كجوناثان. هؤلاء الأطفال يتجنبون المحاولة لاعتقادهم بأن العمل بجهد يعني أنهم أغبياء.

من ناحية أخرى، يعتقد الطلاب أصحاب التفوق الموجه بأن الذكاء مرن ويمكن تطويره من خلال التعليم والعمل الدؤوب. فهم يعتبرون التعلم من أهم أولوياتهم. لأنه في النهاية، إذا كنت تعتقد أنه بإمكانك تنمية مهاراتك الفكرية، عليك أن تقوم بذلك بالتحديد. لأن الأخطاء تنجم عن الافتقار للمجهود أو للمهارات التي يمكن اكتسابها، وليس من القدرات الثابتة، ويمكن مُعالجتها بالمثابرة. مهمة التحديات أن تزودنا بالطاقة لا أن تخيفنا، إذ أنها توفر فرصاً للتعلم. الطلاب أصحاب “طرق التفكير المتطورة”، وكما توقعاتنا كانوا مهيئين لنجاح أكاديمي باهر ومن المرجح أن يتفوقوا على زملائهم.
يمكنكم قراءة الجزء الأول من المقال بالضغط هنا
وقد أثبتنا صحة هذه التوقعات في دراسة نشرت في بدايات عام 2007. لعالمة النفس ليزا بلاكويل عندها كانت في جامعة كولومبيا، وكالي تروزازنفسكي من جامعة ستانفورد حينها، حيث راقبت (373) طالباً على مدار سنتين خلال المرحلة الانتقالية إلى المدرسة الإعدادية، عندها بات العمل أكثر صعوبة وتوزيع الدرجات أكثر صرامة فيما يخص تحديد مدى تأثير طرق تفكيرهم على درجاتهم في الرياضيات. في بداية الصف السابع، أجرينا تقييماً لآلية تفكير الطلاب من خلال سؤالهم عن موافقتهم أو معارضتهم لعبارات مثل :”ذكائك شي جوهري فيك ولا يمكنك تغييره”. ومن ثم قمنا بتقييم معتقداتهم حول ظواهر أخرى للتعلم وراقبناهم لمعرفة ما ستؤول إليه درجاتهم.
وكما توقعنا مسبقاً، أدرك الطلاب أصحاب طرق التفكير المتطورة أن التعلم كان هدفاً أكثر أهمية في المدرسة من الحصول على درجات مرتفعة. بالإضافة إلى ذلك، تحمل الطلاب العمل الشاق بروح عالية مؤمنين بأنه كلما عملت بجد أكبر في شيء ستغدو الأفضل فيه. لقد أدركوا أنه حتى العباقرة يجب أن يعملوا بجد لتحقيق إنجازاتهم العظيمة، عندما قوبلوا ببعض العقبات كدرجة اختبار مخيبة للآمال، قال الطلاب أصحاب طرق التفكير المتطورة بأنهم سيدرسون بجدية أكبر أو سيحاولون إتباع إستراتيجية مختلفة لإتقان المواد.
الطلاب أصحاب طرق التفكير الثابتة، كانوا مهتمين أن يبدو أذكياء مع اهتمام أقل بالتعلم. كانت نظرتهم سلبية تجاه الجهد؛ مؤمنين بأن حاجتهم إلى العمل بجد بأي أمر كان، دليل على قلة قدراتهم، ظناً منهم أن الشخص الذي يملك موهبة أو ذكاء ليس بحاجة إلى العمل الجاد للقيام به على أكمل وجه، ناسبين حصولهم على درجات سيئة لافتقارهم للقدرة، وقال أصحاب طرق التفكير الثابتة أنهم سيدرسون بشكل أقل في المستقبل ولن يحاولوا أبداً الخوض في ذلك الموضوع مجدداً، أخذين بعين الاعتبار الغش في الاختبارات المستقبلية.

كان لوجهات النظر المختلفة تأثيراً كبيراً على الأداء. في بداية المرحلة الإعدادية، كانت درجات الطلاب أصحاب طرق التفكير المتطورة في الاختبار التحصيلي في الرياضيات مقاربة لتلك التي قدمها طلاب أصحاب طرق التفكير الثابتة. ولكن كلما أصبح العمل أكثر صعوبة، أظهر الطلاب أصحاب طرق التفكير المتطورة مثابرة أكبر. ونتيجة لذلك، تجاوزت درجاتهم في الرياضيات الطلاب الآخرين مع نهاية الفصل الدراسي الأول، واستمرت الفجوة بين المجموعتين بالاتساع خلال العامين اللذين تابعناهم فيه.
بصحبة عالمة النفس هايدي جرانت هالفورسون والتي تعمل الآن في جامعة كولومبيا. وجدت علاقة مشابهة بين طرق التفكير والإنجاز في دراسة أجريت عام 2003 على (128) طالب طب في السنة الأولى في جامعة كولومبيا ممن سجلوا دورة تحدي الكيمياء العامة. على الرغم من أن جميع الطلاب كانوا قلقين من درجاتهم، إلا أن الذين حصلوا على أعلى الدرجات، كانوا أولئك الذين أقاموا أهمية استثنائية للتعلم وليس لإثبات أنهم أذكياء في الكيمياء. التركيز على استراتيجيات التعلم والجهد والمثابرة أثمرت بالنسبة لهم.
مجابهة مكامن الضعف
الإيمان بالذكاء الثابت يجعل الأشخاص أيضاً أقل استعداداً للاعتراف بأخطائهم أو مواجهتها ومعالجة مكامن الضعف لديهم في المدرسة، وفي العمل وحتى في علاقتهم الاجتماعية. في دراسة نشرت في عام 1999عن (168) طالب في السنة الأولى دخلوا جامعة هونغ كونغ، حيث كل الدروس والدورات الدراسية كانت باللغة الإنكليزية، أنا وثلاثة من زملائي في هونغ كونغ وجدنا بأن طلاب طرق التفكير المتطورة والذين حققوا نتائج غير مرضية في اختبار الكفاءة في اللغة الإنكليزية كانوا متحمسين أكثر لأخذ دورات تقوية للغة الإنكليزية على عكس أصحاب طرق التفكير الثابتة ذوي المعدلات المنخفضة. من المرجح أن الطلاب ذوي الاعتقاد الثابت عن الذكاء من المحتمل أنهم كانوا غير مستعدين للاعتراف بضعفهم وبالتالي ضيعوا الفرصة لتصحيحها.
باستطاعة طرق التفكير الثابتة بشكل مشابه عرقلة عملية التواصل والتقدم في أماكن العمل من قبل قيادة المدراء والموظفين وتثبيط عزيمتهم أو تجاهل النقد البناء وتقديم النصيحة. أظهر بحث قام به كل من علماء النفس بيتر هيزلاين، الآن في جامعة نيوساوث ويلز في أستراليا، دون فانديفال من الجامعة الميثودية الجنوبية وغاري لاثام من جامعة تورنتو بأن المدراء الذين يملكون طرق التفكير الثابتة هم على الأرجح أقل سعياً أو تقبلاً لآراء موظفيهم من المدراء أصحاب طرق التفكير المتطورة. من المفترض أن هؤلاء المدراء يعتبرون أنفسهم كعمال تنفيذيين مدركين تماماً بأنهم بحاجة إلى آراء نقدية في سبيل التحسين. في حين المدراء الذين يملكون طرق التفكير الثابتة غالباً ما يرون النقد على أنه انعكاس لمستوى كفاءتهم الأساسي، مفترضين بأن الأشخاص الآخرين غير مؤهلين للتغيير أيضاً، والمدراء التنفيذيين أصحاب طرق التفكير الثابتة أيضاً أقل احتمالاً بأن يقوم بتوجيه مرؤوسيه. ولكن بعد أعطاء هيزلاين وفانديفال ولاثام المدراء دليلاً توجيهياً حول قيم ومبادئ طرق التفكير المتطورة، أصبح المشرفين أكثر استعداداً لتدريب موظفيهم وإعطائهم المزيد من النصائح المفيدة.
يمكن لطرق التفكير أن تؤثر أيضاً على نوعية واستمرارية العلاقات الشخصية من خلال رغبة ــ أو عدم رغبة ـــ الأشخاص بالتعامل مع الصعوبات. وفقاً لدراسة أجريت عام 2006 توصلت مع عالمة النفس لارا كاممراث، وهي الآن في جامعة ويك فورست أن أولئك الذين يمتلكون طرق التفكير الثابتة هم أقل احتمالاً في طرح المشاكل في علاقاتهم ومحاولة حلها من أولئك الذين يمتلكون طرق التفكير المتطورة. في نهاية المطاف، إذا كنت تعتقد بأن صفات الإنسان الشخصية ثابتة تقريباً، وبأن اصلاح العلاقات يبدو في الغالب بلا جدوى. فأنت لست من ذوي الشخصيات المتميزة، وهم من يؤمنوا بأن الأشخاص بإمكانهم التغيير والنمو، وهم أكثر ثقة بأن مواجهة قلقهم في علاقتهم سيؤدي إلى قرارات حاسمة.
ترجمة: ولاء الشامي
من مقالات موقع مجتمع ارابيسك
المصدر
1 Comment
Thank you for your sharing. I am worried that I lack creative ideas. It is your article that makes me full of hope. Thank you. But, I have a question, can you help me?