
السر لتنشئة أطفال أذكياء – الجزء الثاني
January 21, 2022
قائمة كتب نادي شام الثقافي لعام 2022
February 1, 2022السر لتنشئة أطفال أذكياء – الجزء الثالث
الإطراء الملائم
كيف بإمكاننا نقل طريقة التفكير المتطورة لأطفالنا؟ إحدى الطرق بأن نخبرهم قصصاً عن الإنجازات التي نتجت عن العمل الدؤوب. على سبيل المثال: الحديث عن عباقرة الرياضيات الذين ولدوا بنفس الظروف تقريباً تجعل الطلاب يمتلكون طرق التفكير الثابتة، إما إخبارهم تفاصيل عن علماء الرياضيات الذين أحبوا الرياضيات وطوروا مهارات مذهلة فتولد طرق تفكير متطورة، وهذا ما أظهرته دراساتنا. يتوصل الأشخاص أيضاً إلى طرق التفكير من خلال الإطراء. على الرغم من أن العديد من الآباء، إن لم يكن معظمهم، يعتقدون بأنه يتوجب عليهم بناء شخصية أطفالهم بإخبارهم كم هم أذكياء وموهوبين، إلا أن بحثنا يشير إلى أن هذه الطريقة مضللة.
يمكنكم قراءة الجزء الثاني من المقال بالضغط هنا
وفي دراسات نشرت عام 1998 والتي تضمنت بضعة مئات من طلاب الصف الخامس، وعلى سبيل المثال: قمت أنا وعالمة النفس كلوديا مولر، وهي الآن في جامعة ستانفورد بإعطاء الأطفال أسئلة من اختبارات الذكاء غير اللفظية، وبعد المسائل العشرة الأولى والتي اجتازها معظم الأطفال بشكل جيد، قمنا بمدحهم. مدحنا بعضهم لذكائهم:”مذهل… هذه درجة جيدة حقاً! لا بد أنك بارع في ذلك”، بينما مدحنا الآخرين لتقدمهم:”مذهل… هذه درجة جيدة حقاً! لا بد أنك قد عملت بجد”.
ووجدنا أن الإطراء على الذكاء شجع طرق التفكير الثابتة أكثر مما فعله الإطراء على الجهد. فالأشخاص الذين هنئوا على ذكائهم، تهربوا من المهمة الصعبة – لأنهم أرادوا مهمات أسهل – مقارنة بالأطفال الذين تم التصفيق لتقدمهم. معظم الأطفال الذين مُدحوا لعملهم الجاد أرادوا مسائل صعبة الحل لكي يتعلموا منها. عندما أعطينا كل الطلاب مسائل صعبة، الذين مُدحوا لكونهم أذكياء أصبحوا محبطين، مرتابين بقدراتهم. وتراجعت درجاتهم، حتى عندما قمنا بإعطائهم مسائل أسهل، مقارنة بنتائجهم السابقة في مسائل مماثلة. في المقابل، الطلاب الذين مُدحوا لعملهم بجد لم يفقدوا ثقتهم بأنفسهم عندما واجهوا الأسئلة الأصعب، وتحسن أدائهم بشكل ملحوظ في المسائل الأسهل التي تبعتها.

كّون طريقة تفكيرك
بالإضافة إلى تشجيع طرق التفكير المتطورة من خلال الإطراء على الجهد، باستطاعة الآباء والمعلمين مساعدة الأطفال من خلال تزويدهم بإرشادات واضحة فيما يتعلق بالعقل بوصفه آلة للتعلم. قمت أنا وبلاكويل وترزيسنيوسكي بتصميم ورشة عمل مكونة من ثمانِ جلسات لـ (91) طالباً ممن تراجعت درجاتهم في الرياضيات في السنة الأولى من المرحلة الإعدادية. تلقى (48) طالباً إرشادات في مهارات الدراسة فقط، بينما حضر الآخرون مجموعة من جلسات مهارات الدراسة ومحاضرات تعلموا خلالها عن طرق التفكير المتطورة وكيفية تطبيقها على الواجبات المدرسية.
في محاضرات طرق التفكير المتطورة، قرأ الطلاب وناقشوا مقالاً بعنوان “باستطاعتك أن تطور دماغك”. تعلموا بأن الدماغ يشبه العضلة التي تصبح أقوى بالاستخدام وأن التعلم يحفز الخلايا العصبية في الدماغ لتطوير ارتباطات جديدة. من مثل هذه الإرشادات، بدأ العديد من الطلاب برؤية أنفسهم كوكلاء لنمو أدمغتهم. الطلاب الذين قاموا بأعمال تخريبية أو شعروا بالملل جلسوا بهدوء وأبدوا اهتماماً. أحد الطلاب الصعبي المراس رفع بصره أثناء المناقشة وقال: ” أنت تقصد أنه لا يجب أن أكون غبياً”.
ومع تقدم الفصل الدراسي، استمرت درجات الرياضيات للأطفال الذين تعلموا مهارات الدراسة فقط بالتراجع، في حين توقفت درجات الطلاب الذين تلقوا تدريبات على طرق التفكير المتطورة عن الانخفاض وبدأت تعود إلى مستوياتها السابقة. على الرغم من عدم إدراكهم بأن هنالك نوعان من الإرشادات، أشار المعلمون إلى ملاحظة تغييرات تحفيزية هامة طرأت على (27%) من الطلاب الذين حضروا ورشة عمل طرق التفكير المتطورة، بينما طرأت تغييرات على (9%) فقط من الطلاب في المجموعة الضابطة. كتب أحد المعلمين:”لقد أثمرت ورشة العمل فعلاً. فطالبنا الصعب المراس، والذي لم يبذل أبداً جهداً إضافياً ولم يقدم واجباته المدرسية في موعدها أغلب الأحيان، أصبح يسهر لوقت متأخر لإنهاء واجبه مبكراً حتى أتمكن من تنقيحه ومنحه فرصة لمراجعته. وحصل على درجة (B+) (بينما كان يحصل سابقاً على الدرجة (C) أو أقل)
تكررت النتائج على يد باحثين آخرين، ففي عام 2003 أعلن كلاً من علماء النفس كاثرين كود، الآن في كلية باروخ، جوشوا آرونسون من جامعة نيويورك ومايكل إينزليتشت، الآن في جامعة تورونتو بأن ورشة عمل طرق التفكير المتطورة رفعت درجات الاختبارات التحصيلية في الرياضيات واللغة الإنكليزية لطلاب الصف السابع. وفي دراسة عام 2002، وجد كل من أرنسون وكود (طالب الدراسات العليا في جامعة تكساس في أوستن) وزملائهم بأن طلاب الجامعة بدؤوا بالاستمتاع بواجباتهم أكثر، وإدراك قيمتها بشكل أكبر والحصول على أفضل النتائج نتيجة للتدريبات التي تعزز طرق التفكير المتطورة.
وقد قمنا بتضمين مثل هذه الإرشادات في برنامج كمبيوتر تفاعلي يدعى “برينولوجي”. البرنامج عبارة عن خمس وحدات لتعليم الطلاب عن الدماغ وعمله وكيفية جعله يعمل بشكل أفضل. في مختبر الدماغ الافتراضي، باستطاعة المستخدمين النقر على مناطق الدماغ لتحديد وظائفها أو على النهايات العصبية لرؤية كيف تتشكل الارتباطات أو يتم تعزيزها عندما يتعلم الأشخاص. باستطاعة المستخدمين أيضاً تقديم نصائح للطلاب الافتراضيين حول المشاكل كإحدى الطرق للتدريب على كيفية التعامل مع صعوبات الواجبات المدرسية، بالإضافة إلى ذلك يبقى المستخدمون على تواصل عبر الإنترنت مع سجلات تمارين دراستهم.
وقد أخبرنا طلاب الصف السابع في مدينة نيويورك الذين اختبروا “برينولوجي” بأن البرنامج غير نظرتهم للتعلم وكيفية تطويره. وكتب أحدهم: “الشيء المفضل لدي في “برينولوجي” هو قسم الخلايا العصبية فعندما تتعلم شيء ما، هنالك ارتباطات تستمر بالنمو، دائماً أتصورهم عندما أكون في المدرسة”. قال معلم عن الطلاب الذين استخدموا البرنامج:”بأنهم يسعون إلى الممارسة، الدراسة، إبداء الاهتمام، والانتباه لضمان تشكل الارتباطات”
تعليم الأطفال مثل تلك المعلومات ليست مجرد حيلة لجعلهم يدرسون. قد يختلف الناس كثيراً من حيث الذكاء، الموهبة والقدرة. تتقارب الأبحاث في الاستنتاج بأن الإنجازات العظيمة وحتى ما نسميه بالعبقرية، هو بشكل نموذجي نتيجة لسنوات من الشغف والتفانِ وليست أشياء تتدفق بشكل طبيعي من الموهبة. موزارت، أديسون، كوري، داروين وسيزان لم يُولدوا ببساطة موهوبين، فقط صقلوا موهبتهم من خلال جهود جبارة ومتواصلة. كذلك يسهم العمل الدؤوب والانضباط في الإنجاز المدرسي أكثر مما تفعله اختبارات الذكاء.
إن مثل هذه الدروس تنطبق على أغلب المحاولات الإنسانية. على سبيل المثال: العديد من الرياضيين الشباب يدركون قيمة الموهبة أكثر من العمل الدؤوب، نتيجة لذلك يصبحون غير قابلين للتعلم. بشكل مشابه، ينجز العديد من أشخاص قليلاً من أعمالهم دون الحاجة إلى الإطراء والتشجيع المستمر للحفاظ على دافعيتهم. إذا عززنا طرق التفكير المتطورة في منازلنا ومدارسنا، فإننا سنقدم لأطفالنا الأدوات اللازمة لتحقيق النجاح في مساعيهم وليصبحوا عمالاً ومواطنين منتجين.
بالنسبة للجهد
وفقاً لدراسة مسحية أجريناها في منتصف التسعينات. فإن (85%) من الآباء يعتقدون بأن الإطراء على قدرات أو ذكاء أطفالهم عندما يقومون بأداء عملهم بشكل جيد أمر هام جداً لجعلهم يشعرون بأنهم أذكياء. لكن عملنا يظهر بأن الإطراء على ذكاء الطفل يجعل منه طفلاً دفاعياً هشاً. وهكذا فإن الإطراء بشكل عام يوحي بسمة ثابتة، مثل “أنت فنان جيد”. بإمكان الإطراء أن يكون قيماً للغاية إذا ما تمت صياغته بعناية. إن الإطراء على تقدم طفل اعتاد على انجاز شيء ما، يعزز دافعيته وثقته من خلال تركيز الأطفال على الأعمال التي تؤدي إلى النجاح. قد تشمل عملية الإطراء مدح الجهد، الاستراتيجيات، التركيز، المثابرة في مواجهة الصعوبة والرغبة في مواجهة التحديات. وفيما يلي أمثلة عن مثل هذه الوسائل:
• لقد قمتَ برسم لوحة جميلة. أحببتُ التفاصيل التي أضفتها إلى وجوه الأشخاص في اللوحة.
• لقد درستَ بجد لاختبار الدراسات الاجتماعية، قرأت المادة عدة مرات، لخصتها واختبرت نفسك بها، وقد أثمرت دراستك.
• أحببتُ طريقتك في تجريب شتى الاستراتجيات المختلفة في حل مسألة الرياضيات حتى عثرت على حل لها في النهاية.
• كان واجب اللغة الانكليزية صعباً بالفعل، لكنك أصررت حتى قمت بتأديته. بقيت في مكتبك وحافظت على تركيزك، هذا مذهل!
• أحببت مواجهتك للمشروع في صف العلوم، سيستغرق الكثير من العمل للقيام بالأبحاث وتصميم الأجهزة، وصناعة الأجزاء وبنائها. وستتعلم الكثير من الأشياء الرائعة.
باستطاعة الآباء والمعلمون تعليم الأطفال أيضاً الاستمتاع بعملية التعلم عن طريق التعبير عن الأفكار الإيجابية للتحديات، المحاولة والأخطاء. وهذه بعض الأمثلة :
• أيها الفتى، هذا صعب – هذا ممتع.
• للأسف، لقد كان ذلك سهلاً للغاية وليس ممتعاً. دعونا نفعل شيئاً أكثر تحدياً يمكننا التعلم منه.
• لنتحدث جميعاً حول ما ناضلنا لأجله اليوم وما تعلمنا منه. وسأبدأ أولاً.
• لأخطاء مهمة جداً. وهناك أخطاء مذهلة، لنرى ما يمكن أن نتعلم منها.
ترجمة: ولاء الشامي
المصدر
4 Comments
Thank you for your sharing. I am worried that I lack creative ideas. It is your article that makes me full of hope. Thank you. But, I have a question, can you help me?
Can you be more specific about the content of your article? After reading it, I still have some doubts. Hope you can help me.
I don’t think the title of your article matches the content lol. Just kidding, mainly because I had some doubts after reading the article.
Your article helped me a lot, is there any more related content? Thanks!